وأنهى السيد جمال الدين هذه الإقامة الطيبة الخصبة في مصر ، باتجاه إلى الاشتراك في السياسة لا يهمنا أمره ، ولا نحكم عليه الآن بصواب أو خطأ في أصله ومنهجه ، إلا أننا نذكر أن ذلك كان سبباً آخر جد في مصر سنة 1296هـ ، فلم يكن خروجه منها رزءاً بالغاً على خطته الإصلاحية العلمية ، لأن بذرته كانت قد أخرجت شطأها ، والشعلة التي كانت ملتهبة في فكره وروحه كانت قد أضاءت مقاييسها في أفكار وصدور ، وعلاوة على أن خروجه من مصر قد ألقى به إلى الهند مرة ثالثة ، فزاد تعمقاً في اختبار المذاهب ووقف بقلمه لمقاومة الدعوة الإلحادية الدهرية إذ كتب هنالك رسالة باللغة الفارسية ، كانت دستور المنهج الإصلاحي الديني الذي سارت عليه من بعده الدراسات الدينية والقرآنية في مجلة المنار وآثار الشيخ محمد عبده.
هذه الرسالة هي التي حرر ترجمتها فيما بعد الشيخ محمد عبده ، بعنوان "الرد على الدهريين" وهي التي بسط فيها جمال الدين رأيه في الحكم على الفلسفة الطبيعية المعطلة ، وفساد مذاهبها وسوء نتائجها في الأخلاق والنظم الاجتماعية ، مقارناً ذلك بما للدين من أثر في تكوين الخصال النفسية الطيبة وحماية النظم الاجتماعية الصالحة.
وقارن فيها أطوار تواريخ الأمم بما أنالت من سعادة في التدين وما أصابها من شر بالتورط في المذاهب الإلحادية.
وجعل محور تلك المقارنة التاريخ الإسلامي فحمل كل ما أصاب المسلمين في أفكارهم واخلاقهم على الدعوات الباطنية والانحرافات الاعتقادية.
وانتهى إلى أن الدين هو سبب السعادة التامة ، وأن دين الإسلام قد فاق في تلك المزية بما لايساويه فيه دين ولايقاربه ، بما هذب من العقول ، وما طهر من الطبائع ، وانتهى إلى نقطة سلبية استفهامية هي منطلق العمل الإيجابي الناشئ بعد من حكمته.
Post Top Ad
الاثنين، 22 مارس 2021
140 التفسير ورجاله للطاهر بن عاشور الصفحة
التصنيف:
# المتشابهات .. كنز الحفاظ في متشابه الألفاظ
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق