18 العائدون إلى الله المؤلف: محمد بن عبدالعزيز المسند الصفحة - مدونة موفق

أحدث المشاركات

Post Top Ad

Post Top Ad

الأحد، 21 مارس 2021

18 العائدون إلى الله المؤلف: محمد بن عبدالعزيز المسند الصفحة




وهنا دخلت الحجرة مرضع ولده تحمله على يدها حتى دنت به من فراشه فتركته وانصرفت، فما زال الطفل يدب على أطرافه حتى علا صدر أبيه فلأحسّ به ففتح عينيه فرأه فابتسم لمرآة، وضمه إليه ضمة الرفق والحنان، وأدنى فمه من وجهه كأنما يريد أن يقبله ثم انتفض فجأة ودفعه عنه بيده دفعاً شديداً، فانكفأ على وجهه يبكي ويصيح وقال: أبعدوه عني، لا أعرفه ليس لي أولاد ولا نساء، سلوا أمه عن أبيه أين مكانه، واذهبوا به إليه، لا ألبس العار في حياتي، وأتركه أثراً خالداً ورائي بعد مماتي، وكانت المرضع قد سمعت صياح الطفل فعادت إليه وحملته وذهبت به فمسع صوته وهو يبتعد عنه شيئاً فشيئاً فأنصت إليه واستعبر باكياً وصاح أرجعوه إلىّ فعادت به المرضع فتناوله وأنشأ يقلب نظره في وجهه ويقول:
في سبيل الله يا بني ما خلف لك أبوك من اليتم وما خلفت لك أمك من العار فاغفر لهما ذنبهما إليك فلقد كانت أمك امرأة ضعيفة فعجزت عن احتمال الأمانة، فسقطت، وكان أبوك حسن النية في الجريمة التي اجترمها فأساء من حيث أراد الإحسان.
سواء أكنت ولدي يا بني أم ولد الجريمة فإني قد سعدت بك برهة من الدهر فلا أنسى يدك عندي حياً أو ميتاً.
ثم احتضنه إليه وقبّله في جبينه قبلة لا أعلم هل هي قبلة الأب الرحيم أو الرجل الكريم.
وكان قد بلغ منه الجهد فعاودته الحمى وغلت نارها في رأسه وما زال يثقل شيئاً فشيئاً حتى خفتُ عليه التلف فأرسلت وراء الطبيب فجاء وألقى عليه نظرة طويلة ثم استردها مملوءة يأساً وحزناً.
ثم بدأ ينزع نرعاً شديداً ويشن أنيناً مؤلماً، فلم تبق عين من العيون المحيطة به إلا رفضت كل ما تستطيع أن تجود به من مدامعها.
فإنّا لَجلوس حوله وقد بدأ الموت يُسبل أستاره السوداء حول سريره فإذا بامرأة متزرة بإزار أسود قد دخلت الحجرة وتقدمت نحوه ببطء حتى ركعت بجانبه ثم أكبت على يده الممتدة فوق صدره فقبلتها وأخذت تقول له:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

مدربين

عن الموقع

author مدونة موفق <<  مدونة موفق للتوظيف هي مدونة مستقلة تهتم بنشر إعلانات العمل و التوظيف سواء كانت في القطاع العمومي أو القطاع الخاص أو الشركات الأجنبية في . .…! …!

اعرف المزيد ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *