وضرب الدهر بينهما بضرباته ، فافترقا من باريس ، وسار أحدهما مشرقاً والآخر مغرباً: إذ ذهب السيد الأفغاني إلى الروسيا وألمانيا ، ثم رجع إلى إيران ، ثم عاد إلى لندرة ، ومنها انتقل إلى الآستانة التي توفى بها في شوال سنة 1314هـ مارس سنة 1897م.وأما الشيخ محمد عبده فرجع من باريس إلى تونس ، ثم انتقل من تونس إلى بيروت ، ثم عاد إلى مصر سنة 1306هـ.
فإذا كان الحكيمان قد أصبحا عبارة عن صورتين متطابقتين ، فإن الصورة التي نتتبع فيها ما كان لتلك الحكمة من أثر في تفسير القرآن إنما هي الصورة الشرقية العربية: ونعني بها صورة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده.
كان الشيخ محمد بن عبده خير الله من الريف المصري ، من قرية في منطقة شبراخيت تسمى " محلة نصر " لم يبتدئ بتعلم القراءة والكتابة إلا وهو ابن عشر سنين.ثم بعد أن حفظ القرآن العظيم وجوده ، تقاذفته مناهج التعليم المتبعة يومئذ بين اطمئنان ونفور ، حتى أخذته يد إرشاد صوفي طاهر هذبت نفسه ، وحببت إليه العلم فنال منه طرفاً بالمعهد الأحمدي في طنطا ، ثم التحق بالجامع الأزهر بالقاهرة سنة 1282هـ وداوم على الدراسة إلى أن اتصل بالسيد جمال الدين الأفغاني أول سنة 1287هـ فلازمه ثماني سنين ملازمة كانت هي عامل تكونه الحقيقي ، وتخرجه على المناهج الحكمية النظرية: التي أحياها وساقه إليها السيد جمال الدين.
فلم يكن الشيخ محمد عبده في الحقيقة إلا أثراً من آثار السيد الأفغاني ، لم ينفذ إلى لباب المعارف إلا بتوجيهه ، ولم يتذوق روح حكمتها إلا بنفحاته ، فلا عجب أن يكون بما أتيح له من رفقته ، وما تأتى له: من تشرب أفكاره ، وهضمها ، والتصرف فيها تصرف الإيضاح والضبط والتركيب والتحرير ، صورة منه ، تشرب روحه ، وتنفس حكمته ، وأسس مباني عمله على القواعد التي وضعها الجمال بيده.
وعلى ذلك كانت الحكمة التي تعلقت بها حكمة جمال الدين الأفغاني: وهي آية:
{
Post Top Ad
الاثنين، 22 مارس 2021
143 التفسير ورجاله للطاهر بن عاشور الصفحة
التصنيف:
# المتشابهات .. كنز الحفاظ في متشابه الألفاظ
عن Tech News
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق